118 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

Articles

إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له، {وللهِ المَثَلُ الأَعلَى} الآية . (سورة النحل/60 ).

أيْ ولله الوصف الذي لا يشبه وصف غيره فلا يوصف ربنا عز وجل بصفات المخلوقين من التغير والتطور والحلول في الأماكن والسكنى فوق العرش، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا .

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، جاء صلى الله عليه وسلم بالهدى ودينِ الحقِّ وثبت ثباتًا يتضاءلُ أمامَه ثباتُ الجبال الراسيات. فيا ربنا يارب الكون، يا من رفعت السماء بلا عمد وأنزلت القرءان على سيدنا محمد صلِّ وسلِّم وبارك وأنعِم على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي القدير القائل في محكم كتابه: { لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْءانَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (الحشر/21).

فبعد هذه الآية العظيمة فلنستمع بإصغاء جيد وبخشوع لِما وردَ في كتاب الله العظيم في سورة النحل:{ وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (سورة النحل/78) .

إنّ الله سبحانه وتعالى يخبرنا بأنه أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئًا أي غير عالمين شيئًا من حقِّ المنعم الذي خَلَقَنا في البطون، ومقصودُ الآيةِ أنّ اللهَ تعالى أبانَ نِعَمَهُ عليهم حيث أخرجهم جُهّالاً بالأشياء وخلقَ لهم الآلاتِ التي يتوَصّلون بها إلى العِلْمِ.

فتفكّر أخي المسلم في نفسِك، في كل ما أنت فيه من النِّعَم، فالله تعالى هو الذي أنعم عليك بجسدك، الله تعالى هو الذي أنعم عليك بصحتك، الله تعالى هو الذي أنعم عليك بمالك، الله تعالى هو الذي أنعم عليك بعلمك، والله تعالى هو الذي أنعم عليك بقلبك وبسمعك وبصرِك. { وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .

أي وما رَكَّبَ فيكم السمع والأبصار والأفئدة إلا ءالاتٍ لإزالة الجهل الذي وُلِدتُم عليه واجتلابِ العِلْمِ والعمل به من شكر المنعِم وعبادتِه والقيام بحقوقه.

وإن أعظم نعمة مَنَّ اللهُ تعالى عليك بها أخي المؤمن هي نعمة الإيمان، "فمن أُعطي الإيمانَ ومُنِعَ الدنيا كأنما ما مُنِعَ شيئًا ومن أُعطي الدنيا ومُنِعَ الإيمانَ كأنما ما أُعطي شيئًا" . فإن أعظم نعمةٍ مَنّ الله علينا بها هي نعمة الإيمان.

وإنّ أعظم حقوق الله على عباده هو توحيده تعالى وأن لا يُشركَ به شئٌ لأن الإشراك بالله هو أكبر ذنب يقترفه العبد وهو الذنب الذي لا يغفره الله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. قال تعالى: { إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } الآية. (سورة النساء/47) .

تفكّر في نفسك، تفكّر في مخلوقات الله وازدَدْ إقبالاً إلى طاعة ربِّك. قال تعالى: { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } (سورة النحل/79) .

ألَم يرَوْا إلى الطيرِ مُسخَّراتٍ أي مُذَلّلاتٍ للطيرانِ بما خلقَ الله لها من الأجنحة والأسباب المواتية لذلك في جو السماء وهو الهواء المتباعدُ من الأرض في سِمْتِ العلوِّ ما يُمسكُهُنَّ أي في قَبْضِهِنَّ وبَسْطِهِنّ وَوُقُوفِهِنَّ إلا الله بقدرته، إن في ذلك لآياتٍ لقوم يؤمنون بأن الخلقَ لا غنى به عنِ الخالق، فهذا الطائر الذي يُحلِّقُ في السماء لا يستغني عن الله طرفةَ عين،وكل واحد منا مهما وصل إلى ما قد يصل إليه من العِلْمِ أو المال أو الجاه أو السلطان لا يستغني عن الله طرفة عين،فنحن وما نملك مِلْكٌ لله وأجسامنا وأعمالنا خَلْقٌ لله، فاتق الله تعالى بجسمِك وبمالك، واشكر ربَّك على ما أنت فيه من النِعمِ وتذكّر أن نعيم الدنيا إلى زوال وما عند الله خير وأبقى.

 

فيا عَجَبًا كيفَ يُعصى الإله
وفي كلِّ تحريكةٍ ءايةٌ
وفي كلِ شىء له ءايــــةٌ

 

أم كيف يجحده الجاحدُ
وفي كلِ تسكينة شاهدُ
تدلُ على أنـه واحــــدُ

 

إخوة الإيمان، إن الله تعالى يقول في القرءان العظيم: { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {96} مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (النحل/96-97) .

فاثبت أخي المسلمَ على عقيدةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، العقيدةِ الحقّةِ عقيدةِ الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين هذه العقيدةِ الحقّةِ الصافية الخالية من الشوائب والخرافات، واسمعوا معي إلى ما قاله الشيخ عبدُ المجيدِ المغربيُّ، وهو من علماءِ طرابلس الفيحاء [المتوفى سنة 1352هـ (ألفٍ وثلاثمائةٍ واثنتينِ وخمسين) أي منذ 77 سنة في رسالته المنهاج في المعراج صحيفة 24 ] ما نصه: "إنّ الله تعالى لا يحويه مكان ولا تحصرُه جهةٌ، لا فوقٌ ولا تحتٌ، كان الله تعالى في الأزل ولم يكن شىءٌ منَ الكائناتِ والأمكنةِ والجهاتِ على الإطلاق".

اللهمَ إنا نسألك علمًا نافعًا وقلبًا خاشعًا ولسانًا ذاكرًا وجسدًا على البلاء صابرًا يا أرحم الراحمين ، ونسألك حسن الحال وحسن الختام إنك على كل شىء قدير.

هذا وأستغفر الله لي ولكم

 الحمد لله رب الكائنات، المنَزّه عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات ومن وصف الله بمعنىً من معاني البشر فقد كفر.

والصلاة والسلام على خير الكائنات سيدنا محمد وعلى سائر إخوانه النبيين المؤيّدين بالمعجزات الباهرات فبعصا موسى انفلق البحر وبدعاء نوح نزل المطر ولمحمد شهد الشجر والحجر وانشق القمر.

أما بعدُ عباد الله أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله العظيم القائل في محكم التنْزيل:

" يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَلتَنظُر نَفسٌ مَّا قَدَّمَت لِغَدٍ واتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ" الحشر /18.

واعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" اغتنم خمساً قبلَ خمسٍ اغتنم حياتَكَ قبلَ موتِكَ وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ وشبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ وغِنَاكَ قبلَ فقرِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ".

إخوة الايمان، إن الإنسان العاقلَ هو من يهتمُّ بما تضمنَه هذا الحديثُ إن عمِلَ خَيْرًا، أطاعَ اللهَ تباركَ وتعالى، تعلمَ الحلالَ والحرامَ وعمِلَ بما تعلَّمَ بأنْ أدَّى الواجباتِ واجتَنَبَ المحرمات، يكونُ له ذخرٌ كبيرٌ في الحياةِ الثانية، الحياة التي بعدَ الموت. فَمَنْ عَمِل لما ينفعُه بعدَ موتِه، لا يندمُ في الآخرة.

كذلكَ منِ اغتنَمَ صحتَهُ قبلَ مرضِهِ يكونُ جمعَ خيرًا كثيرًا، لا يستطيعُ أن يفعلَه في مَرَضِه، لأنَّ المرضَ يمنعُ الإنسانَ من أشياءَ كثيرةٍ كانَ يستطيعُ أن يعملَها في صِحَّتِه.

كذلكَ العاقلُ يغتنِمُ شبابَه قبلَ هَرَمِه، فلا ينبغي أن يكونَ الشابُّ غافِلاً عمَّا يستطيعُ أنْ يفعلَه لآخرتِه قبلَ أن يُدْرِكَه الهرَم.

كذلك ينبغي للعاقلِ أن يغتنِمَ غناهُ قبلَ فَقْرِه، المعنى أنَّه يعمَلُ منَ الصالحاتِ في غناهُ قبلَ أن يُصيبَه الفقر. الغنيُّ الذي عندَه المال يستطيعُ أن يعملَ لآخرتِه الشىءَ العظيم، وينفق على الفقراء والمساكين، وقد يبني مسجِدًا لله تعالى فيكون له صدقة جارية أي دائمة. ويستطيع أن يصلَ أرحامَه بالإحسان إليهم مما رزقَه الله. أما إذا لم يفعلْ ذلك حتى أصابَه الفقرُ فيندم يقول يا ليتني عمِلتُ كذا لآخرتي.

قال عليه الصلاة والسلام:" وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ" المعنى أنَّ الإنسانَ المسلمَ ينبغي أنْ يغتنِمَ عملَ البرِّ والخيرِ والإحسانِ لما يكون عنده فراغ، قبل أن يذهبَ هذا الفراغُ وينشغل، أي ينشغلُ عما ينفعه في الآخرة.

وأكثرُ الناسِ يُضيِّعونَ هذه النعمَ الخمسةَ ثم منهم من لا ينتبِهُ إلا لما يصيرُ منْ أهلِ القبورِ كما قال سيّدُنا عليٌّ رضيَ الله عنه:" الناسُ نِيَامٌ فإِذا مَاتُوا انتَبَهُوا" معناهُ أنَّ أكثرَ الناسِ نيامٌ، أي غافِلُونَ عمَّا ينفعُهم لما بعدَ الموت، ثم بعدَ الموتِ يعرفونَ فيندَمُون. في حالِ سكَراتِ الموتِ، لما يَيْأَسُ منَ الحياةِ وبعدَ أن يُدفَنَ يَندَمُ، يقولُ يا ليتني أدَّيْتُ ما فرضَ اللهُ عليَّ، واجتَنَبْتُ ما حرّمَ اللهُ عليَّ، هذا معنى قولِ سيِّدِنا عليٍّ رضيَ الله عنه:" الناسُ نِيامٌ فإذا ماتُوا انتَبَهُوا".

وعن عبدِ الله بنِ عمرَ رضي الله عنهما قال:أخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". وكان ابنُ عمرَ يقول:" إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحتَ فلا تنتظرِ المساء، وخُذ من صحتِكَ لمرضِك، ومن حياتِكَ لموتِك".(كن في الدنيا كأنك غريب) أي بعيدٌ عن موطنه، لا يتخذُ الدارَ التي هو فيها مَوطناً، ولا يحدِّثُ نفسَه بالبقاء، وهذه كلمةٌ جامعةٌ لأنواعِ النصائح، إذِ الغريب، لقلِّةِ معرفَتِه بالناس، قليلُ الحسدِ والعداوةِ والحقدِ والنفاقِ والنِّزاع، وسائرُ الرذائل مَنشؤُها الاختلاطُ بالخلائق، ولِقِلَّةِ إقامته، قليلُ الدارِ والبستان والمزرعة والأهلِ والعيال وسائرِ العلائق، التي هي منشأُ الاشتغالِ عن الخالق. (أو عابر سبيل) مار بطريق، وتعلقاتُه أقل من تعلقاتِ الغريب.(خُذ من صحتك لمرضك) أي اشتغل حالَ الصحَّةِ بالطاعات، بقدْرٍ يسدُّ الخلَلَ والنَّقصَ الحاصلَ بسببِ المرض، الذي قد يُقعِدُك عنِ القيامِ بالطاعات. (من حياتك لموتك) اغتنم أيامَ حياتِكَ بالأعمالِ التي تنفعُك عندَ الله تعالى بعد موتِك.

ولْيُعْلَم أنَّ أفضلَ الأعمالِ عندَ اللهِ الإيمانُ باللهِ ورسولِه أي معرفة اللهِ بأنَّه موجودٌ لا يُشبِهُ شَيئًا وأنَّه مُتَّصِفٌ بعلمٍ وإرادةٍ وقُدْرةٍ وسمعٍ وبَصَرٍ وكلامٍ ووجودٍ أزليٍّ غيرِ حادِثٍ ولا يطرأُ عليه التغيُّرُ لأنَّهُ لو كانَ يتغيَّرُ منْ حالٍ إلى حالٍ لم يَكُن إلـهًا لهذا العالم.

واللهُ هو المنفرِدُ بِخَلْقِ الأشياءِ أي إبرازِها من العدَمِ إلى الوجود. الأشياءُ التي لها حجمٌ كالإنسان والأرضِ والنبات، والأشياءُ التي ليست أجسامًا صلبةً كالنورِ والظلامِ كلُّ ذلك هو خالقُه. كذلك حركاتُ الإنسانِ وسكونُه وتفكيراتُه ونواياهُ القلبيةُ كلُّ ذلك هو يخلُقُه ليس العبد يخلقه.

كلُّ أفعالِ العبادِ وحركاتِهم وسكناتِهم التي يفعلونها بإرادةٍ والتي تحصُلُ منهم منْ غيرِ إرادةٍ كلُّ ذلك منَ الله، العبادُ لا يخلقونَ شيئًا. الله تعالى هو خلقَ القلوبَ وهو الذي يحرِّكُها ويُصَرِّفُها كيفَ يشاء.

الرسولُ قال: "اللهُمَّ مُصَرِّفَ القلوب صَرِّفْ قلوبَنَا على طاعَتِك" وقال الرَّسولُ:" إنَّ القلبَ أشدُّ تقَلُّبًا منَ القِدرِ إذا استجمعتْ غَلَيانًا" أي أن تقلُّبات القلوبِ أسرعُ من غلَيانِ الماء في القِدْر، فتقلباتُ القلوبِ التي هي سريعةٌ سرعة عظيمة هو خالقُها فكيف بحركاتِ الرِّجلِ واليدِ واللسانِ كل ذلك بخلقِ الله.

ثم الأمرُ الثاني بعدَ معرفةِ اللهِ كما يجِبُ معرفةُ سيّدِنا محمّدٍ لأنَّه رسولُ الله، وهو صادقٌ في كلِّ ما جاءَ به إلى الناس، إنْ أخبرَ عنِ الماضي بما حصلَ لآدمَ أو مُوسى أو إبراهيم أو نوح أو غيرِهم منَ الأنبياءِ أو تحدَّثَ عن فرعونَ ونحو ذلك، فهو صادق، وكلامُه صحيحٌ لا يحتَمِلُ الكذِب والخطأ. كذلك إذا أخبرَ عما يحصُلُ في المستقبلِ فهو صادق. ويدخُلُ في ذلك ما يحصُلُ للناسِ في القبرِ فمَا أخبرَ عمّا يحصُلُ في القبرِ فهو صادقٌ. وكذلك ما أخبرَ به أنه يحصُلُ بعد الخروجِ منَ القبورِ بعَوْدِ الرُّوحِ إلى الجسَدِ منَ الأهوال ومن الفرحِ والنعيمِ في تلك الدارِ التي لا نهايةَ لها هو صادق.

فمنْ ماتَ وهو على هذا نَجَى يومَ القيامة منَ الخلودِ في النَّار، ومَن ماتَ على هذا معَ أداءِ فرائضِ اللهِ دخلَ الجنةَ بلا عذابٍ فسبيلُ النجاةِ أنْ يتعلمَ ما فرضَ اللهُ وما حرمَ الله. ثم يُؤدِّي ما فرضَ اللهُ ويجتنبُ ما حرمَ الله.

علمُ الدينِ هو سبيلُ النجاة. الذي يطلبُه لوجْهِ الله ثوابُه عظيمٌ. فنسألُ الله تعالى أنْ يعلمَنا ما جهلنا وينفعَنا بما علَّمَنا ويزيدَنا علما.

أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهدِيْهِ ونشكرُهُ ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا ومِن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مضلَّ لهُ ومَنْ يضللْ فلا هاديَ لهُ .

وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ولا مثيلَ لهُ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ لهُ، يا ربُّ يا اللهُ يا رحمنُ يا رحيمُ، يا ربَّ العرشِ العظيمِ، يا مَن رفعتَ السماءَ بغيرِ عَمَدٍ وأنزلتَ القرءانَ على محمّدٍ ارحمنا يا أرحمَ الراحمينَ ، يا ربُّ يا مَن ليس كمِثْلِه شىءٌ فوّضنا أمرَنا إليكَ اغفرْ لنا يا الله، فأنتَ القائلُ في الحديثِ القدسيِّ : "يا ابنَ ءادمَ إنّك ما دعوتَنِي ورجَوْتنِي غفرتُ لكَ على ما كانَ منكَ ولا أُبالي، يا ابنَ ءادمَ لو بَلَغَتْ ذنوبُكَ عَنانَ السماءِ ثُمَّ استغفرتَني غفرتُ لكَ ولا أُبالي، يا ابنَ ءادمَ إنك لو أتيتني بِقُرابِ الأرض خطايا ثم لَقِيتَني لا تُشْرِكُ بي شيئًا لأتيتُك بقُرابِها مَغفرةً " .

وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعينِنَا محمَّدًا عبدُهُ ورسولُه وصفيُّه وحَبيبُه، بلّغَ الرسالةَ وأدّى الأمانةَ ونصحَ الأمّةَ فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جَزَى نبيًّا من أنبيائهِ، جزاكَ اللهُ عنا يا سيّدي يا رسول الله خيرًا. يا محمّدُ

فواللهِ لو تَقِفُ الدُّنيا في وجهي
ما قُدِّرَ لي أنْ أُدْرِكَكُم
فَعَسَى في الأُخرى تَحْضُنُني
تَتَبَسَّمُ لي وَتُعانِقُني
وَأُدَقِّقُ في وَجْهِ حَبِيبِبي
وأَضُمُّكُ ثُمّ تُكَلِّمُني
وَجَبِينِي يَرْقُدُ في صَدْرٍ
وأُقيمُ بقُربِكَ في عَدْنٍ

 

مِنْ صَفِّكَ مَا أنَا مُنسَحِبُ
في الدُّنيا فأنا أحتَسبُ
في الجنّةِ حيثُ لَنَا رُتَبُ
وَمَزِيدًا منكُمْ أَرْتَقِبُ
بِجَمالِهِ لَمْ تُحِطِ الكُتُبُ
كَلِماتٍ زَيَّنَها الأَدَبُ
أَتَقَرَّبُ منكَ وأقْتَرِبُ
لا حُزْنَ هُناكَ ولا تَعَبُ

اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ وأعْظِمْ وأكْرِمْ على سيِّدِنا محمّد وعلى ءالِهِ وأصحابِهِ الطيِّبينَ الطاهرينَ.

أمَّا بعدُ عِبادَ اللهِ فاتقوا الله حقَّ تقاتِه، واعلموا أنّ الله تعالى يقول في القرءان العظيم:{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ}  (سورةَ الذاريات/ الآيتين 56و57) .

وهذا تصريحٌ بأنّهم خُلِقوا للعبادةِ، فحَق عليهم الاعتناءُ بِما خُلِقوا لهُ والإعراضُ عنْ حظوظِ الدنيا بالزَّهادةِ فإنها دارُ نفادٍ لا محلُّ إخلادٍ، ومركَبُ عبورٍ لا منْزلُ حُبور، إنها مركَبُ عبورٍ يُتوصَّلُ بها إلى الدار الآخرة وليست منْزلَ الفرحِ والسرور، فلهذا كان الأيْقَاظُ مِن أهلِها همُ العُبّادَ وأعقلُ الناس فيها همُ الزُّهّادَ، فإذا كان حالُها ما وَصَفْتُه وحالُنا وما خُلقنا له ما قَدَّمْتُه فحق على المكلفِ أن يذهبَ بنفسِه مذهبَ الأخيارِ ويسلُك مسلكَ أولي النُّهَى والأبصار ويتأهَّبَ لِما أَشَرتُ إليه ويهتمَّ لِمَا نبّهتُ عليه وأصوَبُ طريقٍ له في ذلك وارشَدُ ما يسلكُه من المسالك التأدّبُ بما صحَّ عن نبيّنا محمدٍ سيِّد الأولين والآخرين وأكرمِ السابقين واللاحقين صلواتُ الله وسلامه عليه وعلى سائرِ النبيين، وقد قال ربُّنا تبارك وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} الآية. (المائدة/2) .

وقد صحَّ عن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "واللهُ في عَوْنِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عَوْنِ أخيه" .

وأنه قال: "مَن دَلَّ على خَيرٍ فلهُ مثلُ أجرِ فاعِلِهِ" .

وأنه قال لعليٍّ رضي الله عنه:" فواللهِ لأنْ يهدي اللهُ بكَ رَجُلاً واحدًا خيرٌ لكَ منْ حُمْرِ النَّعَمِ ".

لذلك كلّه رأينا أن نجمعَ لكم اليومَ شيئًا من بعضِ الأذكارِ الواردةِ عن الحبيبِ المصطفى صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ فإنّ الله تعالى يقول: {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } الآية. (سورة الأحزاب ءاية 35) .

فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يقولُ إذا أصبح:" اللهمَ بكَ أَصبَحْنا وبك أمسَيْنا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور" .

وقال صلى الله عليه وسلم:" ما مِن عبدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يوم ومساءِ كلِّ ليلة بسم الله الذي لا يضرُّ معَ اسمه شىءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يضرَّه شىء" .

وقال صلى الله عليه وسلم:" من قال حين يُصبح أو يمسي اللهمَّ إني أصبحتُ أُشهِدُك وأُشهْدُ حملةَ عرشِك وملائكتَك وجميعَ خلقِك أنك أنت اللهُ لا إله إلا أنت وأنّ محمّدًا عبدُك ورسولُك أعتقَ الله رُبعَهُ من النار فمن قالها مرتين أعتقَ الله نصفه من النار ومن قالها ثلاثًا أعتقَ اللهُ تعالى ثلاثةَ أرباعِهِ فإن قالها أربعًا أعتقه الله تعالى من النار" .

وقال صلوات ربّي وسلامه عليه: " من قال حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات رضِيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمّدٍ صلى الله عليه وسلّم نبيًّا كان حقًّا على الله تعالى أن يُرضيَه" .

أي على الدوامِ بأن يقول كلَّ صباحٍ وكلَّ مساءٍ بعدَ المغرب هذا كان حقًّا على الله أن يُرضيَه أي أنَّ له عندَ الله تعالى وعدًا لا يُخلِفُه الله تعالى أن يُرضيه بعدَ موته أي أن يجعلَه بحالةٍ حسنةٍ وذلك بالنجاةِ من عذاب الله، وهذا خيرٌ كثير ونفعٌ عميم، وعملُه على اللسان خفيفٌ، ما فيه مشقّةٌ، يقولُه الإنسان بسهولة وفي وقت لطيف .

إخوة الإيمان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حثّنا حثًّا بليغًا  على تقليلِ الكلام إلا مِن خير، فقال صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليَقُلْ خَيرًا أو لِيَصْمُت" .

ويقول ربُّنا تبارك وتعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } .

فنحثّكم إخوةَ الإيمانِ على المداومةِ على قراءةِ أورادِ الصباحِ والمساء، ووقتُها في الصباحِ من طلوعِ الفجرِ إلى ما يقاربُ الثلاثَ ساعاتٍ ونصفا، وفي المساء من غروبِ الشمسِ إلى ما يقاربُ الثلاثَ ساعاتٍ ونصفا. فقد قال الله تعالى في القرءان الكريم : {أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } .]

هذَا وأستغفرُ اللهَ لي ولَكُمْ

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريـك له ولا مثيـل له،  وأشهد أنّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدًا عبده ورسوله وصفيّه وحبيبه،  صلّى الله عليه صلاة يقضي بها حاجاتنا ويفرّج بها كرباتنا ويكفينا بها شرّ أعدائنا، صلّى الله عليه وسلّم وعلى كل رسول أرسله.

أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليِّ العظيم ، القائل في محكم كتابه: {إنا لننصر رسلنا والذين ءامنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}. سورة غافر/51 .

إنّ الله تعالى وعد المؤمنين بالنصر المبين وجعل لهم من الشدّة فرجًا ومن العسر يسرا ومن الضيق سعة، وإنّ الدروس المستفادة من الهجرة كثيرة ومن جملتها ضرورة الصبر على الشدائد والبلايا وكافّة أنواع الظلم والاستبداد، والصمود في وجه الباطل  ، والوقوف إلى جانب الحقِّ في شجاعة وحزم وعزم، وإنّ بهجتنا بهذه الذكرى العظيمة في الظروف الحالية التي تمرّ بها الأمّة تبعثنا على مضاعفة الجهد في سبيل نشر دين الله، تبعثنا على مضاعفة الجهد في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله محمّد رسول الله بالتعلّم والتعليم .

ولقد كان لهجرة الفاروق الذي فرق بين الحقِّ والباطل قصّة شأنها شأن كل قصصه وأخباره العظيمة التي تدلّ على حبّه لدين الله واستبساله في سبيل الله، ذلك أنه عندما جاء دور سيّدنا عمر بن الخطاب قبل هجرة الرسول بسبعة أيام، خرج مهاجرًا وخرج معه أربعون من المستضعفين جمعهم عمر رضي الله عنه في وضح النهار وامتشق سيفه وجاء (دار الندوة) وهو مكان تجتمع فيه قريش عادة، فقال الفاروق عمر لصناديد قريش بصوت جهير: "يا معشر قريش من أراد منكم أن تفصل رأسه أو تثكله أمّه أو تترمّل امرأته أو ييتّم ولده أو تذهب نفسه فليتبعني وراء هذا الوادي فإني مهاجر إلى يثرب" . فما تجرّأ أحد منهم أن يحول دونه ودون الهجرة لأنهم يعلمون أنه ذو بأس وقوّة وأنه إذا قال فعل .

ومن بركات الهجرة أنّ امرأة مِمّن سبقت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالهجرة مات ولدها معها في الطريق إلى المدينة، أصابه مرض فمات فتملّكها الجزع فقالت: "اللهمّ إنك تعلم أني ما هاجرت إلا ابتغاء مرضاتك ومحبّة فيك وفي نبيّك فلا تشمّت بي الأعداء" ، فتحرّك ولدها من تحت الكفن ، قام ولدها في الحال أحياه الله تعالى ، والله على كلِّ شىء قدير . قالت أمّه: "طعم وطعمنا" .وبقي حيا إلى خلافة سيّدنا عمر رضي الله عنه .

هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة المنوّرة في شهر صفر وليس في الأول من شهر محرّم كما هو شائع واستقبله المؤمنون بالفرح واستبشر الناس بقدوم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسمّى الرسول يثرب المدينة المنوّرة ، وآخى بين أهلها بين المهاجرين والأنصار وبنى مسجده، وصار المسلمون على قلب رجل واحد لا يفرّق بينهم طمع الدنيا ولا يباعد بينهم حسد ولا ضغينة، مثلهم كمثل البنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضًا ومثلهم في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى .

وأوّل بيت نزل فيه صلّى الله عليه وسلّم في المدينة المنوّرة بيت خالد بن زيد أبي أيوب الأنصاريّ ، وخالد بن زيد كان مِمّن حفظ هذه الأبيات التي قالها أسعد الحميري الذي كان يحكم بلاد اليمن قبل بعثة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بستمائة عام ، صفّـت له الجياد من اليمن إلى بلاد الشام فمرّ بالمدينة المنوّرة التي كانت تسمّى يثرب ليكسر أهلها، فاجتمع به حبران من الأحبار المسلمين الذين كانا على دين موسى عليه السلام وقرءا في التوراة أنها أي المدينة المنوّرة هي مهاجر نبي ءاخر الزمان أحمد ، فأنشد أسعد الحميريّ تبع الأوسط :

شهدت على أحمد أنـه          رسول من الله باري النسمّ

ولو مدّ عمري إلى عمره          لكنت وزيـرًا له وابن عمّ

وجاهدت بالسيف أعداءه         وفرّجت عن صدره كل غمّ

       
       
       

قبل ستمائة عام من بعثة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال هذه الأبيات أسعد الحميري في مدح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتوارثها أهل المدينة خلفًا عن سلف .

أيها الاخوة الأحباب:

لننظر مجددا الى الوضع الداخلي في لبنا ن، ماذا يجري وماذا يحاول البعض الترويج له والسعي لتحقيقه؟ في كل يوم أحاديث وتصاريح في شاشات التلفزيون والصحف ولقاءات سياسية والموضوع الرئيس هو القرار 1559، وغاب الى حد كبير الحديث عن الاوضاع الاقتصادية والمعيشية وعن الديون والهدر والفساد كذلك غاب الحديث عن الاصلاح الاداري ومشاكل الكهرباء والزراعة والصناعة الى ما هنالك من قضايا.

إن روائح محاولة العودة إلى الماضي والعودة إلى الفوضى تزكم الأنوف وتثير المخاوف وتؤكد خطورة ما يسعى اليه البعض في مسار واضح من المراهنات المشبوهة والاستقواء بالخارج.

لم يعد أمامهم وعلى ألسنتهم إلا التهجم على سوريا والمقاومة والتشكيك بلبنانية مزارع شبعا والمطالبة بسحب سلاح المخيمات وصولا الى المطالبة بفصل المسار. ولنسأل هذا السؤال: ماذا يعني كل ذلك؟ إنه يعني أن يكون لبنان وحيدا منفردا ودمية بيد المخطط الصهيوني الاستعماري. إنه يعني التخلي عن مزارع شبعا اللبنانية. إنه يعني التمهيد للقبول بمخطط التوطين وضرب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم. إنه يعني إشعال الحرائق في لبنان ونشر الفوضى. إنه يعني عودة الذين استقبلوا الدبابة الاسرائيلية عام 82 والذين ركبوا هذه الدبابة والذين خربوا لبنان والذين استباحوا المناطق الوطنية بعد الاجتياح الاسرائيلي والذين بدأوا بتدمير الليرة اللبنانية وأجروا الاتصالات السرية والعلنية مع الصهاينة.

 إنهم يتسترون وراء القرار 1559 ويطالبون بتطبيقه؟ ولكن أين هي بقية القرارات الدولية التي تخص الصراع العربي الاسرائيلي والتي لم يجر تطبيقها؟ لماذا لا يطالبون الصهاينة بالانسحاب من مزارع شبعا ومن الجولان؟ لماذا لا يعيدون الشعب الفلسطيني في الشتات إلى ديارهم ووطنهم ؟

منذ عام 1978 حين صدر القرار 425 حتى العام ألفين لم ينفذ الصهاينة هذا القرار ولم يفعل المجتمع الدولي شيئا، ولم تتحرر معظم الأراضي اللبناينة إلا بالمقاومة والموقف الرسمي والشعبي، ولم نر من كثير من الذين يسمّون أنفسهم بالمعارضة اليوم أي تحركات داخل لبنان وخارجه تطالب بالانسحاب الاسرائيلي ولم يعملوا آنذاك على تحريك المجتمع الدولي لتحقيق هذا الانسحاب في حين أنهم يرفعون أصواتهم الآن بشعارات الاستقلال والسيادة وغرضهم من ذلك اسقاط لبنان في الفخ المرسوم له وهو السقوط في الاستفراد والضعف والتوطين.

ولقد قلنا سابقا ونكرر اليوم الدعوة إلى وعي دقة المرحلة وأهمية عدم الانجرار وراء شعارات يراد منها أشياء أخرى وأهمية وعي المجتمع اللبناني والشعب اللبناني لما يحاك ضد لبنان من مؤامرات بأيادٍ لبنانية وأدوات مشبوهة وأساليب خطيرة. ولا يظنن أحد أن هذه الأيادي والأدوات ستقدم لنا أطباق المن والسلوى والسعادة والاستقلال والسيادة بل إنها تقدم السموم والفتن والفوضى والانقلابات وقد ذاق اللبنانيون الأمرّين من هذه السموم ومن هذه الأطباق والأبواق، وأصبحت القضية واضحة إنها قضية صراع بين الخيارات السياسية، صراع بين من يريد لبنان مرفوع الرأس عربي الهوية والانتماء ومن يريد لبنان دمية بيد الصهيونية والاستعمار الجديد، وأما أصحاب الخيارات الرمادية الضبابية فالمطلوب منهم أن يحسموا خيارهم باتجاه الخيار الصحيح وأن يكفوا عن التلون بانتظار رجحان كفة على أخرى وأن يضعوا مصلحة لبنان الحقيقية نصب الأعين بعيدا عن الحسابات الضيقة والانتخابية.

اللهمّ أعد علينا هذه الذكرى بالأمن والأمان يا ربّ العالمين .

 

هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم

 

 

الخطبة الثانية:

التحذير من قول بعضهم إذا عمل معصية "معليش"

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد بن عبد الله وعلى ءاله وصحبه ومن والاه.

أما بعد عباد الله ، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليّ العظيم القائل في محكم كتابه: {يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا} .

فالقول السديد إخوة الإيمان والإسلام هو القول الموافق لدين الله، الموافق لكتاب الله، الموافق لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وكعادتنا في الخطبة الثانية وحبًا في نشر الكلام الحقِّ ومحو الكلام الباطل نحذِّركم من قول بعضهم إذا عمل معصية صغيرة "معليش" فإن كان مراده ولو كان هذا معصية أنا أفعله لا يكفر. وإن كان يفهم من ذلك هذا ذنب صغير وليس ذنبًا كبيرًا لا يكفر لكن يجب النهي عن هذه الكلمة . وأمّا إن كان يفهم من هذه الكلمة أنّ هذا الشىء لا بأس به وأنه حلال مع علمه بحرمته في دين الله فإنه يكفر. فالحلال ما أحلّه الشرع والحرام ما حرّمه الشرع، والحسن ما حسّنه الشرع والقبيح ما قَبّحه الشرع.

اللهم احفظ علينا ديننا الذي جعلته عصمة أمرنا يا أرحم الراحمين .

واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ ، أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ  ]إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلُّونَ على النبِيِ يَا أيُّهَا الذينَ ءامَنوا صَلُّوا عليهِ وسَلّموا تَسْليمًا[ اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيم وبارِكْ  على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى: ]يا أيها الناس اتقـوا ربكـم إنّ زلزلة الساعة شىء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديد[، اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنّا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون .اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ.

 

إنَّ الحمْدَ للهِ نحمَدُهُ ونستَعِينُهُ ونستَهْدِيهِ ونَشْكُرُهُ ونَستغْفِرُهُ ونَتوبُ إليهِ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفُسِنا ومِنْ سَيِّئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هَادِيَ لَهُ. وأشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ الواحِدُ الأحَدُ الفَرْدُ الصَّمَدُ الذي لم يتَّخِذْ صَاحبَةً ولا وَلَدًا، جَلَّ رَبِّي لا يُشبِهُ شَيئًا ولا يُشبِهُهُ شىءٌ ولا يحُلُّ في شىءٍ ولا يَنحَلُّ منهُ شَىءٌ، جَلَّ رَبِّي تَنَزَّهَ عَنِ الأَيْنِ والكَيْفِ والشَّكْلِ والصُّورَةِ والحدِّ والجِهَةِ والمكَانِ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ وهوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ. وأشْهَدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبيبَنا وعَظيمَنَا وقَائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عَبدُ اللهِ ورَسولُهُ وصَفِيُّهُ وحَبيبُهُ. الصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى سَيِّدِنا محمَّدٍ النبيِّ الأُمِّيِّ الذي عَلَّمَنَا الحضَارةَ وأرْشَدَنا إِلى مَا فِيهِ خَيرُنا وصَلاحُنا ونَجَاحُنا في الدُّنيا والآخِرَةِ
أمَّا بعدُ عِبادَ اللهِ فإنِّي أوصيكُمْ ونفْسِي بتقوَى اللهِ العَلِيِّ القديرِ القائلِ في مُحْكَمِ كِتابِه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }سورة الحشْر/18

يقول الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم: {وما خلقتُ الجِنَّ والإنسَ إلا ليعبُدون ما أُريدُ منهم من رِزقٍ وما أُريد أن يُطعمون إن اللهَ هو الرزاقُ ذو القوةِ المتين} (سورة الذاريات/ 56-57-58)
فإذا سُئلتَ لِمَ خلقَنا اللهُ؟ فليكُنْ جوابك مستمَدا من هذه الآيةِ القرءانيةِ: لقد خلقَنا اللهُ ليأمرَنا بعبادتِه. فنحن مكلفون مأمورون بعبادةِ اللهِ وطاعتِه وذلك بأن نلتزمَ الحدودَ الشرعيةَ فلا نتعداها بل نؤدي الواجباتِ ونجتنبُ المحرماتِ

وإذا سُئلتَ لِمَ ليس كلُ الناسِ على الإيمانِ ؟ فجوابُك أيضا مستمَدٌّ من القرءانِ الكريمِ، قالَ تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}( سورة السجدة/13)
فاللهُ سبحانه وتعالى لم يشإِ الإيمانَ لكلِ الناسِ. فالعبادُ منساقون إلى فعلِ ما يصدرُ عنهم باختيارِهم لا بالإكراهِ والجبرِ. ولو لم يشإِ اللهُ عصيانَ العصاةِ وكفرَ الكافرين وطاعةَ المطيعين لَمَا خلقَ الجنةَ والنارَ

وإذا سُئلتَ لِمَ جعلَ اللهُ مؤمنين مثابين متنعمين في جنةِ الخُلدِ ولِمَ جعلَ كفارا مخلدين في السعيرِ؟ فليكن جوابُك أيضا من القرءانِ الكريمِ قولَه تعالى: {وما ربُّك بظلّامٍ للعبيدِ} وقولَه تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُريدُ}، وقلْ للسائلِ إياك أن تذهبَ مذهبَ الهالكين المتنطعين وتكونَ من جماعةِ إبليسَ المعترضين على اللهِ المطرودين من رحمةِ اللهِ في الآخرة فإنّ اللهَ عزّ وجل يقولُ: {لا يُسألُ عمّا يفعلُ وهم يُسألون}فالعبادُ هم الذين يُسألون

يقولُ اللهُ تعالى في القرءان الكريم: {وإذ قلنا للملائكةِ اسجُدُوا لآدمَ فسَجَدُوا إلا إبليسَ أبى واستكبرَ وكانَ من الكافرين} . (سورة البقرة/34) . اللهُ تعالى أمرَ الملائكةَ أن يسجُدُوا لآدمَ عليه السلام سجودَ تحيةٍ لا سجودَ عبادةٍ، فسَجدوا إلا إبليسَ الذي كانَ من الجنِ (ولم يكن ملكًا لأن الملائكةَ لا يعترضون على الله) أبى واستكبرَ واعترضَ على الله فصارَ من الكافرين الخاسرين باعتراضِه على الله

فلا شك إخوة الإيمان والإسلام أن المعترضَ على حكمِ الله تعالى خارجٌ من الإسلامِ وهو خاسرٌ خاسرٌ خاسرٌ
فالحذرَ الحذرَ من الاعتراضِ على ربِ العزةِ عند نزولِ المصائبِ والبلايا فإن هذا هلاكٌ وضلالٌ والعياذ بالله

إخوةَ الإيمانِ إن الدنيا لو كانت هي دارَ جزاءٍ ما أُصيبَ نبيٌ من الأنبياءِ ، البلاءُ على الأنبياءِ في الدنيا أكثرُ من غيرِهم. رجلٌ قالَ لرسولِ الله إني أُحبُك، فقالَ له صلى الله عليه وسلم: "انظُرْ ماذا تقول" . قالَ: إني أُحبُك. قالَ: انظُرْ ماذا تقول قالَ: إني أحبك. قال: انظر ماذا تقول فإن البلاءَ أسرعُ إلى من يُحبُني من السَّيلِ إلى منتهاه

وتذكر أخي المؤمنَ أن هذه الدنيا دارُ بلاءٍ وعملٍ واستعدادٍ لِما بعد الموت، فإذا ابتُليت بمصيبةٍ قل: إنا لله وإنا إليه راجعون، وإياك والاعتراضَ على اللهِ فإن من اعترضَ على الله خرجَ عن دين الله والعياذ بالله. من أصابته فاقةٌ من فقرٍ واعترضَ على حكمِ الله فإنّ كفرَه هذا لا يُقرّب له رزقا بعيدا. ومن أصابَه مرضٌ واعترضَ على حكمِ اللهِ فإنّ مرضَه لا يزولُ بكفرِه، ومن ماتَ له عزيزٌ أو قريبٌ واعترضَ على حكمِ اللهِ فإنّ الميتَ لا يعودُ بكفرٍه. فيكون هذا الإنسانُ المعترضُ على اللهِ قد أهلكَ نفسَه والعياذُ باللهِ من الاعتراضِ على اللهِ وعلى قضائِه وحُكْمِه
أما إذا إنسانٌ مسلمٌ ابتُلي فصبرَ وقالَ الحمد ُلله على كلِ حالٍ, للهِ ما أعطى وللهِ ما أخذَ، إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حولَ ولا قوة إلا بالله، اللهم لا تجعلْ مصيبتي في ديني فله أجرٌ عظيم عند الله
قالَ اللهُ تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (سورة ق/18)
أي أنّ كلَ ما يتلفَّظُ به العبدُ من الجدِ والهزلِ والغضبِ يُسجلُه الملكان فهل يسرُّ العاقل أن يرى في كتابِه حين يُعرض عليه يومَ القيامة هذه الكلماتِ الخبيثةَ ؟ بل يسوؤه ذلك ويُحزنُه حين لا ينفعُ الندم ! فليعتنِ بحفظِ لسانِه من الكلامِ بما يسوؤه إذا عُرِضَ عليه في الاخرة. وقد قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " أكثرُ خطايا ابنِ آدمَ من لسانِه" (رواه الطبراني)
ومما يساعدُ على الرضا بقضاءِ الله أن يعملَ الواحدُ بما وردَ في صحيحِ البخاري رحمة الله عليه أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا نظرَ أحدُكم إلى مَن فُضِّلَ عليه في المالِ والخَلقِ فلينظُرْ إلى من هو أسفلُ منه

فالنبيُ صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن من نظرَ إلى من هو فوقَه في المالِ أو الجسمِ فلينظرْ إلى من هو أسفلَ منه أي إلى من هو أقلُ منه
إن كثرةَ الدخولِ على الأغنياء تزيدُ النفسَ رغبةً وتعلقًا بالمالِ وزخارفِ الدنيا ومباهجَها. ومن تعلَّقَ قلبُه بحبِ الدنيا، يجُرُه هذا إلى محاولةِ جمعِ الأموالِِ من غيرِ تمييزٍ بَيْنَ الحلالِ والحرامِ ويصيرُ همُه تكديسَ الأموالِ ولو عن طريقِ السرقةِ أو الاحتيالِ غيرَ مبالٍ بما يترتَّبُ على ذلك من مظالمَ

ورسولُ الله محمدٌ صلى الله عليه وسلم يدلنا على سبيلِ الوقايةِ قبلَ أن تقعَ قلوبُنا في حبِ الدنيا وقبل أن تصيرَ قاسيةً كقساوةِ الحجرِ وقبل أن تنشغلَ بالدنيا عن الاستعدادِ للآخرة والتزودِ لها وذلك بأن ننظرَ إلى من هو أقلُ منا في أمرِ الدنيا. فإذا كانَ الشخصُ يجدُ كفايتَه فقط فلينظُرْ إلى من لا يجدُ كفايتَه. وإذا كانَ يسكنُ بيتا صغيرا فلينظُرْ إلى من لا يجدُ ما يأوي إليه، وإذا كانَ يلبسُ ثوبا رَثًّا فلينظُرْ إلى من لا يجدُ ثوبا يستُرُه أو من البردِ يقيه، وإذا كانَ لا يأكلُ اللحمَ إلا قليلا فلينظر إلى من لا يجدُ كِسرةَ خبزٍ أو شَربةَ ماءٍ ترويه

أيها الإِخوة الأحباب، أما في أمرِ الدينِ فالمطلوبُ منا أن ننظرَ إلى من هو فوقَنا، فلا ينبغي للواحدِ منا أن يغترَّ بنفسِه وينظرَ إليها بعينِ الإعجابِ والتعظيمِ، وينسى نعمةَ الله عليه الذي أقدرَه أي أعطاه القدرةَ على النطقِ والمشي والبصر. والمطلوبُ من كلِ واحدٍ أن ينظرَ إلى من هو أكثرُ طاعاتٍ منه وأكثرُ اجتهادا وأكثرُ نشاطا وهمةً كي يجتهدَ مثلَه, لأن علوَ الهمةِ في الدينِ أمرٌ مطلوبٌ
اللهم لا تجعلْ مصيبَتنا في دينِنا وتوفَّنا وأنت راضٍ عنا يا أرحمَ الراحمين

هذا وأستغفر الله لي ولكم


الخُطبةُ الثانيةُ: التحذير من الاعتراض على الله

الحمدُ للهِ نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونستهْدِيهِ ونشكُرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا وسيّئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لهُ ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِي لهُ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ محمّدٍ
 
عبادَ اللهِ، أُوصِيْ نفسِيَ وإيّاكمْ بتقْوَى اللهِ العَليّ العظيمِ فاتقوه
واعلموا إخوة الإيمان والإسلام أنّ المعترض على حكم الله تعالى خارج من الإسلام ولا شكّ وهو خاسر خاسر خاسر. يقول الله تعالى: {لا يُسئلُ عمّا يفعل وهم يُسئلون} . سورة الأنبياء /الآية 23

الله ءامر ناهٍ ولا ءامر ولا ناهي له، هؤلاء الذين ينتقدون حكم الله ويعتبرون أنفسهم من أهل الفهم والمعرفة، هؤلاء كأنَهم ما عرفوا أصل خلقتهم . سيّدنا علي رضي الله عنه قال: ما لابن ءادم والفخر أوله نطفة وءاخره جيفة

معناه لا ينبغي لابن ءادم أن يترفّع، الله خلقه من تلك النطفة التي هي قدر بزقة ثم يعيده إلى التراب
فالحذر الحذر من الاعتراض على ربِّ العزّة عند نزول المصائب والبلايا فإنّ هذا هلاك وضلال والعياذ بالله

واسمعوا معي قصة فاطمة الزبَيْريّة التي كانت تقيّة صالحة حجّت ثُمّ زارت الرسول صلى الله عليه وسلم ثُمّ نوت الإقامة في مكّة فصار لَها شهرة بالتقوى والصلاح والعلم، ثُمّ عَمِيت سنتين ، ثُمّ ذات ليلة أرادت أن تتوضّأ لصلاة الليل فتَزحلقت على درج فانكسر ضلعان من أضلاعها، ومع ذلك تكلّفَتْ فتوضّأت وصلّت، لم تعترض على الله، لم تتسخّط على الله، لم تتخلَّ عن طاعة الله، لم تلجأ إلى المعاصي عند نزول البلاءتوضّأت وصلّت، وفي تلك الليلة رأت حبيبها، رأت بدر الكون الأنور، رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر مقبلين من جهة الكعبة، هي باب بيتها كان مواجها للكعبة، فجاء الرسول فبصق على طرف ردائه وقال لَها امسحي به عينيك، فأخذت الرداء فمسحت به عينيها فأبصرت، ثم وضعته على موضع الكسر فتعافى، ثم استيقظت مبصرة، وجاءت خادمتها فرأتها مبصرة فقصّت عليها قصتها، هذه المرأة الصالحة كثير من النساء استفدن منها في الزهد والعلم والتقوى. كانت حنبلية، فاطمة بنت احمد بن عبد الدائم الزبَيرية
ونرجو من الجميع أخذ منشور اوراد الصباح والمساء من على باب المسجد (أو المصلى) التي تكلمنا عنها في الخطبة الماضية

واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريم فقال ِ

إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلُّونَ على النبِيِ يَا أيُّهَا الذينَ ءامَنوا صَلُّوا عليهِ وسَلّموا تَسْليمًا

َ    اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنامحمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى  رَبَّكُمْ { إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ  يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيد}ٌ سورة الحجّ ، اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ. اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأصلح لنا شأننا كلّه لا إله إلا أنت .عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون .اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ

 الخطبة بالانكليزية

جديد الموقع New

Go to top