هديُ القرءان
سورة يس ج9
- |
|
الحمدُ للهِ ربّ العالمين لهُ النِعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَن
صَلَوَاتُ اللهِ البَرّ الرَّحيم والملائِكَةِ الْمُقرَّبينَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أشْرَفِ الـمُرسَلِين وحَبِيبِ رَبّ العَالمين
وعلى جميعِ إخوانِهِ مِنَ النَّبِيّينَ والـمُرسَلِين وَءَالِ كُلّ والصَّالِحين وسلامُ اللهِ عليهم أجمعين
يقولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {48} مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ {49} فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَآ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ {50} وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مّن الأَجْدَاثِ إِلَى رَبّهِمْ يَنْسِلُونَ {51} قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الـمُرْسَلُونَ {52} إِنْ كَانَت إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُم جُمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ {53}﴾[1]
إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُخْبِرُنَا بِقَوْلِه
﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الوَعْدُ﴾ أَي وَعْدُ البَعْثِ وَالقِيَامَة
﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ فِيمَا تَقُولون، خِطَابٌ للنَّبِيّ وَأَصْحَابِه
﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ أَيْ مَا يَنْتَظِرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً وَهِيَ النَّفْخَةُ الأُولَى
﴿تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ﴾ وَالـمَعْنَى تَأخُذُهُم وَبَعْضُهُم يَخْصِمُ بَعْضًا فِي مُعَامَلَاتِهِم
﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً﴾ أَيْ فلَا يَسْتَطيعُونَ أَنْ يُوصُوا فِي شَىءٍ من أُمُورِهِم تَوْصِيَةً
﴿وَلَآ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الرجُوعَ إلَى مَنَازِلِهِم بَل يَمُوتُونَ حَيْثُ يَسمَعُونَ الصَّيْحَة
﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ هِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ، وَالصُّورُ القَرْنُ أَو جَمْعُ صُورة. عِنْدَمَا تُعَادُ أَجْسَادُهُم التي صَارَت تُرَابًا، عن هّذِهِ يُقَالُ جَمْعُ صُورة مَعْنَاهُ هذِهِ الأجْسَام. صوْتُ نَفْخِ إسْرَافِيل يَصِلُ إِلَى هذِهِ الأجْسَامِ الجَدِيدَة
﴿فَإِذَا هُم مّن الأَجْدَاثِ﴾ أي القُبُور
﴿إِلَى رَبِهِمْ يَنْسِلُونَ﴾ يَعْدُون، أي يَجْرُون
﴿قَالُوا﴾ إي الكُفَّار
﴿يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا﴾ مَن أَنْشَرَنَا
﴿مِن مَّرْقَدِنَا﴾ أيْ مَضْجَعِنَا. وَمَا يَرويهِ بَعْضُهُم من أن لِلكُفَّارِ مَضْجَعَةٌ يَجِدُونَ فِيهَا طَعْمَ النَّوْم فَغَيْرُ صَحِيح بَلِ الصَّحِيحُ أَنَّ الكُفَّارَ لَا يَنَامُون أَمَا الـمُسلِمُ يَنَامُ نُومًا حَقِيقِيًا بِرَاحَة أَمَا الكُفَّارُ مِن شِدَّةِ الفَزَعِ يَقُولُون ﴿مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾ مَعْنَاهُ بَعْدَ خُرُوجِنَا مَا نَسْتَقْبِلُهُ أَشَدُّ عَلَيْنَا فَإذَا صِيحَ بِأَهْلِ القُبُور قَالوا ﴿مَنْ بَعَثَنَا﴾
﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الـمُرْسَلُونَ﴾ كَلَامُ الـمَلَائِكَة أَوِ الـمُتَّقِين أَوِ الكَافِرِين يَتَذَكَّرُونَ مَا سَمِعُوهُ مِنَ الرُّسُلِ فَيُجِيبُونَ بِهِ أَنْفُسَهُم أَوْ بَعْضُهُم بَعْضًا أَوْ ﴿مَا﴾ مَصْدَرِيَّةٌ وَمَعْنَاهُ هَذَا وَعْدُ الرَّحْمَنِ وَصِدْقُ الـمُرْسَلِين عَلَى تَسْمِيَةِ الـمُوْعُودِ وَالـمَصْدُوقِ فِيهِ بِالوَعْدِ وَالصّدْق أَوْ مَوْصُولَةٌ وَتَقْدِيرُهُ هَذَا الذِي وَعَدَهُ الرَّحْمَنُ وَالذِي صَدَقَهُ الـمُرسَلُون أَيْ وَالذِي صَدَقَ فِيهِ الـمُرسَلُون
﴿إِنْ كَانَت﴾ النَّفخَةُ الأخِيرة
﴿إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُم جُمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ لِلحِسَاب. الصَّيحَةُ الأولَى مَمْتَدَّةٌ لِلعَذَاب أَمَا الثَّانِيَةُ أَخَفُّ وَقتًا لِأَنَّهَا لِلإعَادَةِ إِلَى الحَيَاة
وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالَمين رَبَّنَا اغفِر لَنَا وَارْحَمْنَا وَاهدِنَا وَعَافِنَا وَاعْفُ عَنَّا اللهُمَّ اغْفِر لِلمؤمِنِينَ وَالـمؤمِنَات الأحيَاءِ مِنْهُم وَالأمْوَات
اللهُمَّ إِنَّا نَسألُكَ الجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِليْهَا مِن قَوْلٍ وَعَمَل وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا من قَولٍ وَعَمَل
وَءَاخِرُ دَعْوَانَا أنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العالمين
[1] سورة يس