هديُ القرءان
سورة يس ج4
- |
|
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين لهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَن
صَلَوَاتُ اللهِ البَرِّ الرَّحيم والملائِكَةِ الْمُقرَّبينَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أشْرَفِ الـمُرسَلِين وحَبِيبِ رَبِّ العَالمين
وعلى جميعِ إخوانِهِ مِنَ النَّبِيّينَ والـمُرسَلِين وَءَالِ كُلٍّ والصَّالِحين وسلامُ اللهِ عليهم أجمعين
يقولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ﴿قَالُوا إِنَّآ تَطَيّرُنَا بِكُم لَئِن لَّمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ اَلِيمٌ {18} قَالُوا طَآئِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُم قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ {19} وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا الـمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الـمُرسَلِينَ {20} اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْئَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُون {21} وَمَا لِىَ لَآ أَعْبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {22} ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ ءَالِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّى شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونَ {23} إِنِّى إِذًا لَّفِى ضَلَالٍ مُّبِين {24} إِنِّى ءَامَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ {25} قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ﴾[1]
إنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى يُخْبِرُنَا بِأَنَّ الـمُشْرِكِين ﴿قَالُوا﴾ لِلَّذِينَ أَرِسَلَهُم سِيِّدُنَا عِيسَى
﴿إِنَّآ تَطَيّرُنَا بِكُم﴾ تَشَائَمْنَا بِكُم، وذَلِكَ اَنَّهُم كرِهُوا دِينَهُم وَنَفَرَت مِنْهُ نُفُوسُهُم. وعَادَةُ الجُهَّالِ أنْ يَتَيَمَّنُوا بِكُلِّ شّىْءٍ مَالوا إِلَيْه وَقَبِلَتْهُ طِبَاعُهُم وَيَتَشَائَموا بِمَا نَفَروا عنْهُ وَكَرِهُوه فإنْ أصَابَهُم بَلاءٌ أو نِعْمَةٌ قَالوا بِشُؤمِ هذَا وبَركَةِ ذلِك. وقِيلَ حُبِسَ عَنْهُمُ الـمَطَرُ فَقَالوا ذلك
﴿لَئِن لَّمْ تَنْتَهُوا﴾ عنْ مقَالَتِكُم هذه
﴿لَنَرْجُمَنَّكُمْ﴾ لَنَقْتُلنَّكُم أوْ لَنَطرُدَنَّكُم أو لَنَشْتِمَنَّكُم
﴿وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ اَلِيمٌ﴾ وَلَيُصِيبَنَّكُم مِنَّا عَذَابُ الحريق وهُو أشّدُّ عَذَاب
﴿قَالُوا طَآئِرُكُم﴾ أىْ سَبَبُ شُؤمِكُم
﴿مَّعَكُمْ﴾ وَهُوَ الكَفْر
﴿أَئِن ذُكِّرْتُم﴾ وُعِظْتُم وَدُعِيتُم إلَى الإسْلام وجَوَابُ الشَّرْطِ مُضْمَرٌ وَتَقْديرُهُ تَطيَّرْتُم
﴿بَلْ أَنتُم قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ مُجَاوِزونَ الحَدَّ فِى العِصْيَان فَمِنْ ثَمَّ أَتَاكُمُ الشُّؤمُ مِنْ قِبَلِكُم لا مِن قِبَلِ رُسُلِ اللهِ وَتذْكيرِهِم أوْ بَلْ أنتُم مُسْرِفُونَ فِى ضلَالِكُم وَغَيِّكُم حَيْثُ تَتَشَائَمون بِمَنْ يَجِبُ التَّبَرُّكُ بِهِ مِنْ رُسُلِ اللهِ، أَىْ يُشْرَعُ التَّبَرُّكُ بِهِ لا عَلى وَجْهِ الفَرضِيَّة
﴿وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا الـمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى﴾ هُوَ حَبِيبٌ النَّجَار وَكَانَ فِى غَارٍ من الجَبَلِ يَعبُدُ الله فَلَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ الرُّسُلِ أَتَاهُم وَأظْهَرَ دِينَه وَقَال أتَسألونَ عَلَى مَا جِئتُم بِهِ أجْرًا قَالوا لَا
﴿قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الـمُرسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْئَلُكُمْ أَجْرًا﴾ عَلى تَبْلِيغِ الرِّسَالة
﴿وَهُم مُّهْتَدُون﴾ أَىْ الرُّسُل، فَقَالوا أَوَأنتَ عَلى دِينِ هَؤلَاء فَقَال
﴿وَمَا لِىَ لَآ أَعْبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى﴾ خَلَقنِى
﴿وَإِلَيْهِ تُرجَعُون﴾ وَإلَيْهِ مَرْجِعُكُم
﴿ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ ءَالِهَةً﴾ يَعنِى الأصنَام
﴿إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّى شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونَ﴾ مِنْ مَكرُوه
﴿إِنِّى إِذًا﴾ أَىْ إِذَا اتَّخَذْتُ
﴿لَّفِى ضَلَالٍ مُّبِين﴾ ظَاهِرٍ بَيِّنٍ، وَلـمَّا نَصَحَ قَوْمَهُ أَخذُوا يَرْجُمُونَهُ فَأسْرَعَ نحْوَ الرُسُلِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَل فَقَالَ لَهُم
﴿إِنِّى ءَامَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ﴾ أَى اسمَعُوا إيمَانِى لِتَشْهَدُوا لِى بِه. وَلَـمَّا قُتِلَ
﴿قِيلَ﴾ لَهُ
﴿ادْخُلِ الجَنَّةَ﴾ وَقَبْرُهُ فِى سُوقِ أَنطَاكِية وَلم يَقُل قِيلَ لَهُ لِأَنَّ الكَلَامَ سِيقَ لَبَيَانِ الـمَقُول لَا لِبَيَانِ الـمَقُولِ لَه مَعَ كَوْنِهِ مَعْلُومًا وَفِيهِ دِلَالَةٌ أَنَّ الجَنَّةَ مَخْلُوقَة
وَسُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالمين، رِبَّنَا ءَاتِنَا فِى الدُّنيَا حَسَنَة وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ النَّار،
رَبَّنَا اغفِر لنَا وَارحمْنَا وَاهدِنَا وَعَافِنَا وَاعفُ عَنَّا وَأَصْلِح ذَاتَ بَينِنَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمين وَأَخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِين
[1] سورة يس