كلمةُ رئيسِ جمعيةِ المشاريعِ الخيريةِ الإسلاميةِ سماحةِ الشيخِ حسام الدين قراقيرة حفظه الله بمناسبةِ حلولِ عيدِ الفطرِ المبارك

الحمدُ للهِ الذي لا معبودَ بحقٍّ سواه " ليس كمثلِهِ شىءٌ و هو السميعُ البصير"  والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا و حبيبِنا و قرةِ أعينِنا محمدِ بنِ عبد الله خاتمِ النبيين و سيِّد المرسلين و على ءالِه و صحبه المتقين الطاهرين.

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، يقولُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " للصائمِ فرحتانِ إذا أفطرَ فرحَ وإذا لقي ربَّه فرح بصومِه " في هذه الساعات نودعُ شهرَ الخيراتِ و المبرّاتِ شهرَ الإحسانِ و الطاعاتِ شهرَ الصيامِ و القيامِ شهرَ رمضانَ المباركِ. تمضي الشهورُ وتمضي أيامُ العُمُرِ وترتحلُ الدنيا وهي مُدْبِرةٌ وترتحلُ الآخرةُ و هي مقبلةٌ و لكل منهما بَنُونَ فلنكن من أبناءِ الآخرةِ لا من أبناءِ الدنيا، فاليومَ العملُ وغدًا الحسابُ.

نعم الأيامُ ترتحلُ ما بين مدبرةٍ و مقبلةٍ فأما رمضانُ فقد أدبرت أيامه وولّت، وأما شوالُ فأيامُه مقبلةٌ قادمةٌ وأولُها يومُ الفطرِ الذي هو أحدُ العيدينِ فلنوطِّد أنفسَنا ولنعقدِ العزمَ على أن نعملَ بتقوى اللهِ فنؤديَ الواجباتِ ونجتنبَ المحرماتِ وأن نعملَ بطاعةِ الله في شهرِ شوالَ وفي كلِّ شهورِ العامِ فإن تقوى اللهِ خيرُ زادٍ يتزودُ به الإنسانُ ليومِ المعادِ. أيها الإخوة والأخواتُ في مطلِعِ شهرِ رمضانَ رحل عنا الوليُّ الصالحُ مرشدُنا ومولانا الشيخُ عبدُ اللهِ الهرريُّ رحمه الله وأسكنه فسيحَ جناتِه رحل عنا الحافظُ المجدِّدُ المجتهدُ العالمُ العاملُ المربي الصادقُ الذي أفنى حياتَه في التعلمِ والتعليمِ وفي الدعوةِ إلى الحقِ ومحاربةِ الباطلِ رحل هذا الرجلُ الكبيرُ وقد ترك مؤلفاتٍ وءاثارًا ومريدينَ منتشرين في أصقاعِ المعمورةِ وجمعيةً عنوانُها العلمُ والحقُ والخيرُ.

نعم جمعيةٌ تعملُ بمقتضى قولِ اللهِ تعالى :" وتواصَوْا بالحقِ و تواصَوْا بالصبر" و بمقتضى قولِه تعالى :" وتعاونوا على البرِّ و التقوى ولا تَعاونوا على الإثمِ والعُدوان" و بمقتضى قولِه تعالى :" الأخِلاّءُ يومئذٍ بعضُهم لبعضِهِم عدوٌّ إلاّ المتقين" إن الأخلاءَ المتقينَ يتواصَون بالحق والصبرِ ويتعاونون على البرِّ والتقوى ولا يتعاونون على الإثمِ والعدوانِ ولا تنقلب صداقتُهم إلى عداوةٍ يومَ القيامةِ فنسألُ اللهَ أن يجعلَنا من هؤلاءِ الأخِلاّءِ المتقين الذين جمعَتْهم الأخُوّةُ والمحبةُ في اللهِ كما علَّمَنا ووجّهَنا مولانا الشيخُ عبدُ اللهِ الهرريُّ رحمه الله.

إخواني و أحبابي إن الأمةَ تواجه مخاطرَ عديدةً و تهديداتٍ متنوعةً يُراد منها أن تُهدَمَ صفوفُها وتَضعُفَ كلِمتُها ولا صلاحَ لهذهِ الأمّةِ إلا بما صَلَحَ به أمرُ أولِها وهو التمسكُ بالدينِ والعملُ بما يُرضي اللهَ ورسولَه فما أحوَجَنا إلى التمسكِ الحقيقيِّ بالدينِ وما أحوجنا إلى الأمانةِ الشرعيةِ التي قَلَّت في هذا العصرِ وما أحوجنا إلى العلمِ حتى يُميِّزَ الناسُ بينَ الحقِّ والباطلِ، بين الخيرِ والشرِ وما أحوجنا إلى قولِ الحقِّ و ألاّ نخافَ في ذلك لومةَ لائِمٍ. أيها الإخوةُ والأخواتُ إن جمعيةَ المشاريعِ الخيريةَ الإسلاميةَ قد عُرِفَ عنها فضلاً عن كونِها جمعيةَ اعتدالٍ ووَسَطِيّةٍ أنها جمعيةٌ منفتِحَةٌ في علاقاتِها العامةِ تتواصلُ معَ الناسِ في بيوتِهم ومنتدياتِهم وتتواصلُ معَ الجمعياتِ والمؤسساتِ في برامِجِها وأنشطتِها وتتواصلُ معَ القوةِ من أجلِ أن تبنيَ معها جسورَ تواصلٍ وتفاهمٍ من أجلِ خدمةِ لبنان. إنّ دَورَ جمعيةِ المشاريعِ الخيريةِ الإسلاميةِ دورٌ مهمٌ في مسيرةِ العملِ الإسلاميِّ والعملِ الوطنيِّ وهي تُشكِّلُ ضمانةً رئيسةً ومتواصلةً رغمَ تقلُّبِ الأحوالِ واشتدادِ العواصفِ، والدلائلُ على ذلك كثيرةٌ منها ما قامت بهِ الجمعيةُ من جهودٍ كبيرةٍ على الصعيدِ الوطنيِّ في الخفاءِ وبعيدًا عن الإعلامِ ما أدى إلى تحقيقِ مصالحَ ومنعِ فتنٍ و دَرْءِ مضارَّ ومخاطرَ عديدةٍ، لذا فإننا نكررُ اليومَ الدعوةَ إلى التفاهمِ بين اللبنانيِّين على قاعدةِ العملِ من مُنطلَقِ مصلحةِ لبنانَ ومنطلقِ القواسمِ المشترَكةِ التي من الممكنِ أن تجتمعَ عليها الأطرافُ والقوةُ والأفرقاءُ ومن منطلقِ الحفاظِ على لبنانَ ومنعِ الفتنِ وعدمِ إتاحةِ المجالِ أمامَ أعداءِ لبنانَ ليعبثوا بأمنِ لبنانَ واستقرارِهِ وفي الختامِ أسألُ اللهَ أن يتقبَّلَ منّا صالحَ الأعمالِ وأن يتقبلَ منا صيامَنا وأن يغفرَ لنا ويرحمَنا برحمتِهِ الواسعةِ ويثبِّتَ أقدامَنا ونسألُه أن يتغمَّدَ مولانا وشيخَنا الشيخَ عبدَ اللهِ الهرريَّ بواسعِ رحمتِهِ ويرفَعَ من مقامِهِ في أعلى عليين إنهُ على كل شىءٍ قديرٌ وكلَّ عامٍ وأنتم بخيرٍ والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.